منذ سنوات، لم تكن فكرة النجاح طريقًا معبدا أو خطوة سهلة، كانت مغامرة كاملة، لكنني خضتها بإصرار. يشبه إصرار من يبحث عن ذاته بين الزحام، وبقلب يسأل نفسه كل يوم، هل نسير حقا على خطى النجاح؟ وكيف لي أنا أعلم؟ كنت أرى أن جائزة التميز الإداري ليست مجرد منافسة، بل وقفة صادقة أمام النفس قبل الوقوف أمام الآخرين.
امتحان للإيمان الداخلي، والايمان بالقدرات، ذلك الإيمان الذي لا يولد من فراغ، بل من طريق طويل. لا بد أن يُسلك.
قبل هذه الخطوة ب 4 سنوات، كنت قد خضت مسابقة على مستوى المملكة. أردت أن أكون ضمن نخبة السباق حتى إن لم يكن الحظ رفيقا لطريقي، فلم يكن يرضيني الوقوف على مدرجات المشاهدة. كنت أريد أن أكون هناك بين أصحاب الأثر.
دخلت مسابقة التميز الإداري على مستوى المنطقة بعمل يقيس إنجازات 4 سنوات من شواهد العمل التي تظهر صدق السعي وتكشف للجنة التزام المتقدم بمعايير التميز في الأداء، كانت المطالب كثيرة بعضها بسيط نابع من صميم العمل، وبعضها اتساعًا نحو الشراكات المجتمعية. لكن النماذج المميزة التي صنعتها، السجلات الدقيقة التي أعددتها، وبرامج العمل التي وثقتها، وقيادتي لفرق العمل المبادرات التي أنشأتها، وبعض المشاريع الوزارية التي أنجزتها، كلها كانت تقول أن هذا العمل ولد ليكون متميزا.
قدمت شواهد الإنجاز للمسابقة، ثم بدأت مرحلة الانتظار...
انتظار لحظة تقيّم فيها اللجنة هذا الجهد، وترسم معالم الطريق القادم. وفي أحد الأيام وبين انشغالات الدنيا حان موعد غروب الشمس، أديت صلاة المغرب وأنا مطمئنة، لكن ما إن انتهيت حتى جاء المنبه يدق من أجراس الفرح.
أصوات تنبيهات تتوالى، والرسائل تنهال، فتحتها، وإذا بالجميع يقول مبروك، لقد فزتي بالمسابقة، وسيعلن ترتيبك بالحفل الرسمي.
كان رقمي التسلسلي السابع على مستوى المملكة. وتحدد يوم اللقاء بحضور أمير منطقة حائل، وعدد من القيادات والمسؤولين من مختلف القطاعات. كان لقاء رسميا مهيبا في مبنى غرفة حائل، بدأ الحفل وبدأت المناداة بالأسماء من المرتبة العاشرة حتى الأولى، ومنذ لحظة النداء الأولى. حتى لحظة الوصول إلى المراكز المتقدمة كان الرضا يملأ قلبي، لم يكن ترتيب المركز ما يهمني. كان وجودي بين الـ 10 الأوائل هو التميز الحقيقي. انتهت المراتب الـ 10 واقتربت للـ 5 الأولى. وعندما حان الإعلان، حققت المركز الرابع على مستوى المنطقة، كان ذلك فخرا. يسكن قلبي حتى اليوم.
فخرت بما أنجزته، وبما قدمته من عمل أصبح رسالة تميز تهدى للوطن، وتترجم إخلاص الموظف لأبناء بلده ولعمله.
ولقد أدركت بعد هذا الإنجاز، أن النجاح ليس محطة، بل رسالة حياة. رسالة تُعّلم أبناءنا أن الوصول ممكن. وأنها طموح لا يرتبط بظرف ولا عمر، وأن الثقة بالقدرات مع الإصرار، والعمل الصادق كفيلة بأن تجعل من الإنسان قصة يشار إليها بالبنان.
VID-20251130-WA0144.mp4