منذ الطفولة وكان لدي نهمُ أن أعرف كيف للمرء أن يقول بكل فخر: "ها أنا أصبحت"، هل النجاح مرتبط بإنجاز مجتمعي مرموق؟ أم هي مكانة يصل إليها؟ أم مرحلة يعيش بها بسعادة لا متناهية؟
لقد تراود ذلك السؤال بذهني حتى كدت أقع بفخ اللارضا، لكن ولله الحمد تداركت الأمر، ليس هذا ما يهمنا!
لطالما واصلت السعي، ولكنني لم أكن أسعى بنفسي وبقدرتي، إنما بفضل الله أولًا، ثم بالأمور التي تجري كما كتبها الله قدرًا لعباده.. منذ ذلك الصرح: موهبة حين لفت معلماتي في الصف الثاني ابتدائي موهبتي وشجعوني لخوض تجربة اختبار الموهوبين، ثم اجتزته ولكنني لم أكمل وانتفع من برامجه، ثم كبرت وكبر لدي نهم ذلك التساؤل، فلفت أيضًا أحد معلماتي، أ/ خلود العون، موهبتي في حل المسائل الرياضية والخط العربي ورغبت بأن تبرزها، في تلك الآونة لم تكن الظروف كما تشتهي سفني، ولا الأحوال كما ينبغي، ولا حتى النفس متيقظة، ورغم ذلك، رغم ذلك أصرت معلمتي جزاها الله خير الجزاء على الوقوف معي ومساعدتي رغم محدودية المواصلات والإمكانيات، أكملت الرحلة ولازلت لم أحصل على جواب له، مرت الأيام والشهور حتى دخلت المرحلة الثانوية ووجدت تلك المدرسة التي كانت أيضًا من محطات بروزي ومساندتي في رحلتي التعليمية -رغم اعتراضي على أن أدرس في مدرسة صغيرة وتكبري، واعذروني على قلة بصيرة تفكيري آن ذلك- ، أيتعجب المرء من مكانٍ صغير كالمنزل ولكنّ أفقهُ كبير جدًا؟!، أوسع مما يتخيله المرء في أحلام اليقظة!
كانت تلك "ثانوية أميمة بنت قيس" حيث كان بلا استثناء كل من فيها ذو أثر وبصمة في نفسي، ويجعلون ذلك التساؤل يهيم في ذهني أكثر، من أسلوبِ وطريقة التدريسِ التي كان يملؤها حب الاستطلاع مع أستاذة الفيزياء أ/ ماجدة، وبالطرق والأساليب الممتعة مع أستاذة علم البيئة أ/ جواهر الناصر وآخرون كانوا قادة يحتذى بهم، آمنوا بقدراتي البحثية، وكانوا يصرون على الاستمرار والمتابعة وعدم التوقف رغم أن الأسهم كانت تشير دائمًا باتجاه معاكس ضدي وأحاربها لتغيير اتجاهها 180 درجة، وهم من علموني أن أغيرها بذلك المقدار، حينها بدأت أفهم جواب ذلك السؤل، بأنه أسلوب عيش يختاره المرء، فالمرء نوعان وربما أكثر، منهم من يقول ها أنا أصبحت بعد كل إنجاز ويكمل غير راضٍ، موجبًا على نفسه تحقيق الهدف، والوجوب قد أوقعه في تيه وبعثرة الطرق حتى يكاد أن يناله متأخرًا، ومنهم من يتبنى النجاح كأسلوب للعيش لا يقتصر على هدف بحد ذاته يجب الوصول إليه، بل هو طريقة يتبعها لكي توصله إلى ما يريد، مؤمنًا بما في دواخل نفسه، وبأن الارتقاء يكمن بذلك الاختلاف الذي ينبع من ذواتنا وهو ذاته الذي يكوّن مجتمعًا، وأفرادَ ناجحين، وليس كل مختلف مميز وإنما كل مميز مختلف.
أطيب تحياتي التي كادت أن تقع مبعثرةً على تلك الطرق