في الصف الرابع الابتدائي، علمت عن مسابقة أولمبياد الرياضيات. وبحكم أنني محبة كبيرة للرياضيات، قررت المشاركة فيها. في السنة الأولى اجتهدت ودرست وحاولت الفوز، لكن لم يحالفني الحظ. وفي السنة التي تليها، عندما كنت في الصف الخامس، اجتهدت أيضًا، درست، واختبرت اختبارات تجريبية، وراجعت أخطائي، ولكن للأسف لم يحالفني الحظ هذه المرة كذلك، على الرغم من أنني في كل مرة أبذل كل ما بوسعي.
في كل مرة كنت أفشل، كانت عائلتي تشجعني، وخصوصًا عمي –رحمه الله– الذي كان يقول لي دائمًا إن السنة القادمة ستكون سنتي، وإنه واثق أنني سأنجح يومًا ما.
على العموم، سجّلت للمرة الثالثة على التوالي، وكنت حينها في الصف السادس. وكعادتي، بدأت أذاكر وأجتهد وأصحح أخطائي وأكرر المحاولة.
قبل المسابقة بأسبوع، وفي صباح يوم الأربعاء، زارني عمي –رحمه الله– قبل أن يسافر إلى مدينة الجوف بحكم أن عمله هناك. قال لي:
“شذى، أنا متأكد إن السنة ذي سنتك، وإنك بتفوزين، صدقيني. وبرجع الأربعاء الجاي لحائل ونروح أنا وانتي وأبوك للمسابقة، بس ذاكري زين.”
“أبشر يا عم، وإن شاء الله الفوز لي هالسنة، لا تشيل هم. أنا شديت حيلي بكل ما أقدر.”
سافر عمي للجوف بسيارته، لكن للأسف لم يعد منذ ذلك الحين. في ظهر الأربعاء من اليوم نفسه أتتني أمي وقالت:
كانت تلك المرة الأولى التي أرى فيها والدي ووالدتي يبكيان. حزنت حزنًا شديدًا جدًا لوفاته، فقد كان عمي المفضل –رحمه الله–.
في اليوم التالي، قلت لنفسي:
شذى، عمك قال إن السنة ذي سنتك، والفوز بيكون فوزك. بما إن عمك توفى، على الأقل خلينا نشد حيلنا أكثر ونفوز هالسنة مثل ما كان يتمنى. يا هذي السنة، يا بلاها.
شديت حيلي أكثر، وكنت لا أنام إلا ساعتين فقط. كنت طالبة في الابتدائية صباحًا، وطالبة في مدرسة موهبة مساءً، وأدرس أيضًا للأولمبياد. كانت تلك من أصعب وأشد الفترات في حياتي، لكني قررت أنه مهما كان، لن أتوقف حتى يوم الاختبار. كنت أذاكر وأسهر وأراجع وأبذل كل جهدي وطاقتي.
جاء يوم الأربعاء المنتظر، يوم اختباري في الأولمبياد الذي كافحت من أجله بكل ما أملك. حين وصلت إلى القاعة، قلت لنفسي:
“هذه هي سنة فوزي، وأنا متأكدة.”
دخلت القاعة وبدأت الاختبار. لا أخفي عليكم، كنت خائفة من عدم النجاح، لكن ولله الحمد فعلتها ونجحت!
حصلت على المركز الخامس على مستوى حائل في الرياضيات. وفي أحد الأيام تم تكريمي من قبل مدرستي الابتدائية الثامنة في حائل، وقتها الجميع كان يباركني ويهنئني على إنجازي، واحتفلت مع عائلتي بهذا الفوز. لكنّي تمنيت من كل قلبي لو أن عمي كان موجودًا ليرى لحظة نجاحي.
بنهاية قصتي، أحب أقول لكم:
مهما كانت الصعوبات أو التحديات، لا تستسلمون. لو كنت استسلمت من المرة الأولى، ما كنت وصلت لهذا الإنجاز!
حاولوا مرة، مرتين، ثلاث، حتى لو عشرين مرة، مو مشكلة. أهم شيء اشتغلوا على حلمكم بحب، مو بضغط. ودايم أقول:
“أهم من الوصول، هو مشوار الطريق.”
الله يوفقكم جميعًا، وتحققون الأحلام اللي تطمحون لها يا رب 🌟